أزمة الطاقة في نيجيريا- تحديات الإنتاج، فساد المصافي، وتداعيات اقتصادية

المؤلف: د.حكيم نجم الدين10.18.2025
أزمة الطاقة في نيجيريا- تحديات الإنتاج، فساد المصافي، وتداعيات اقتصادية

في تطور لافت، كشف رجل الأعمال النيجيري البارز، الحاج "أليكو دانغوتي"، رئيس مجلس إدارة "مجموعة دانغوتي" العملاقة، خلال مؤتمر صحفي عقد في الرابع عشر من شهر يوليو لعام ألفين وأربعة وعشرين، عن تعديل في هيكلة ملكية مصفاة النفط التابعة له. وأوضح "دانغوتي" أن شركة النفط الوطنية النيجيرية المحدودة، المملوكة للدولة، تمتلك حاليًا حصة تقدر بنحو 7.2 بالمئة فقط من المصفاة، وذلك خلافًا للحصة المعلنة سابقًا في عام ألفين وواحد وعشرين، والتي كانت تقدر بنحو 20 بالمئة.

وجاء هذا الإعلان ليؤكده المتحدث الرسمي باسم شركة النفط الوطنية النيجيرية في بيان رسمي، موضحًا أن قرار تخفيض الحصة في مصفاة "دانغوتي" جاء نتيجة لعملية "تقييم دوري" شاملة للمحفظة الاستثمارية للشركة، وذلك بهدف ضمان توافقها التام مع الأهداف الإستراتيجية التي تسعى الشركة الحكومية إلى تحقيقها.

ويعكس هذا التطور جملة من التحديات الجمة التي يواجهها قطاع الطاقة النيجيري في الوقت الحالي، خاصةً في ظل الأزمات الاقتصادية المتفاقمة التي تعاني منها البلاد، والتي تجلت في وصول معدل التضخم إلى مستويات قياسية لم يشهدها منذ أربعة وعشرين عامًا، حيث بلغ 31.7 بالمئة في شهر فبراير من عام ألفين وأربعة وعشرين.

قطاع الطاقة في نيجيريا

يُعدّ قطاع الطاقة ركيزة أساسية في الاقتصاد النيجيري، حيث يضطلع بدور حيوي ومحوري في دعم الناتج المحلي الإجمالي وتعزيز الصادرات. ففي عام ألفين واثنين وعشرين على سبيل المثال، أسهم هذا القطاع بنحو 6.33 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، كما ساهم بأكثر من 90 بالمئة من إجمالي قيمة الصادرات، مما يؤكد أهميته الاستراتيجية للاقتصاد النيجيري.

وفي شهر أبريل من عام ألفين وأربعة وعشرين، كشفت "هيئة تنظيم البترول النيجيرية" عن بيانات تفصيلية حول احتياطيات النفط والغاز في البلاد. وأوضحت الهيئة أنه اعتبارًا من الأول من شهر يناير لعام ألفين وأربعة وعشرين، بلغ الاحتياطي المجمع من النفط الخام والمكثفات في نيجيريا نحو 37.50 مليار برميل. وأشارت الهيئة أيضًا إلى أن احتياطي الغاز المصاحب للنفط، وغير المصاحب للنفط، بلغ 209.26 تريليونات قدم مكعبة، مما يضع نيجيريا في المرتبة الثانية على مستوى قارة أفريقيا، والمرتبة العاشرة على مستوى العالم في قائمة الدول التي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية.

وانضمت نيجيريا إلى "منظمة الدول المصدرة للنفط" (أوبك) في عام ألف وتسعمائة وواحد وسبعين، وذلك في خطوة تهدف إلى تعزيز مكانتها في المجتمع النفطي العالمي، وتنسيق السياسات النفطية، وضمان الحصول على أسعار عادلة للنفط. وتتجه صادرات النفط الخام النيجيرية بشكل رئيسي إلى كل من الهند وإسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة وهولندا.

انخفاض إنتاج النفط الخام

يشهد قطاع النفط النيجيري تراجعًا ملحوظًا في حجم الإنتاج، وذلك نتيجة لعمليات سرقة النفط المتفشية وانعدام الأمن في منطقة دلتا النيجر، والتي تُعدّ المنطقة التي تحتضن غالبية احتياطيات النفط النيجيرية. وكشف تقرير نيجيري حديث أن البلاد تكبدت خسائر فادحة في الفترة ما بين شهري يناير وديسمبر من عام ألفين واثنين وعشرين، حيث بلغ متوسط الخسائر حوالي 437 ألف برميل من النفط يوميًا، وهو ما يمثل كميات كبيرة يتم الاستيلاء عليها من قبل كيانات إجرامية تقوم بتفريغ خطوط الأنابيب البرية والبحرية في دلتا النيجر.

وعلى الرغم من إعلان شركة النفط الوطنية النيجيرية، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية المختصة، عن اتخاذ سلسلة من الإجراءات الحاسمة لردع الأنشطة الإجرامية التي تعيق إنتاج النفط الخام، ورغم ارتفاع الإنتاج إلى 1.4 مليون برميل يوميًا في شهر يونيو من عام ألفين وأربعة وعشرين، إلا أن إنتاج الخام النيجيري لا يزال أقل بكثير من المستوى القياسي الذي توقعته الميزانية النيجيرية لعام ألفين وأربعة وعشرين (1.7 مليون برميل يوميًا)، أو حصة نيجيريا في منظمة أوبك (1.8 مليون برميل يوميًا).

ومن الجدير بالذكر أن بعض شركات النفط العالمية العاملة في نيجيريا قد أعلنت مؤخرًا عن سحب استثماراتها من قطاع النفط الخام والغاز، وبيع أصولها إلى الشركات المحلية، وذلك نتيجة للتحول العالمي نحو مصادر الطاقة المتجددة، وتزايد المخاوف بشأن قضايا تغير المناخ، بالإضافة إلى القواعد التنظيمية النيجيرية التي تعتبرها غير مواتية، وتدهور الوضع الأمني.

استشراء الفساد في قطاع الطاقة

تمتلك نيجيريا أربع مصافي نفط رئيسية، إلا أنها جميعًا لم تنتج سوى كميات ضئيلة من الوقود على مدار العقد الماضي، بل وأغلقت أبوابها منذ عام ألفين وتسعة عشر، وذلك نتيجة لاستشراء الفساد المستشري في شركة النفط الوطنية والوكالات النفطية الأخرى، بالإضافة إلى أعمال التخريب المتكررة التي تستهدف البنية التحتية النفطية.

وقد كشف "أليكو دانغوتي" خلال حديثه أمام مجلس النواب النيجيري في الثاني والعشرين من شهر يوليو عام ألفين وأربعة وعشرين، أن بعض المسؤولين في شركة النفط الوطنية النيجيرية المملوكة للدولة، وبعض تجار النفط في نيجيريا، يمتلكون مصانع لمزج النفط في جزيرة مالطا بجنوب أوروبا، وأن هؤلاء الأشخاص يقومون باستيراد المنتجات البترولية المكررة ذات الجودة الرديئة إلى نيجيريا.

وهذه المصافي الأربع المملوكة للدولة النيجيرية، هي:

1- ""مصفاة بورت هاركورت" القديمة، الواقعة في منطقة دلتا النيجر، والتي تملكها بالكامل شركة النفط الوطنية النيجيرية الحكومية. وتعتبر هذه المصفاة الأقدم في نيجيريا، والوحدة الأولى من "مصفاة بورت هاركورت". وقد تم افتتاحها في عام ألف وتسعمائة وخمسة وستين بطاقة تكرير تبلغ ستين ألف برميل من النفط يوميًا. وقد بلغت تكلفة عملية البناء حوالي اثني عشر مليون جنيه إسترليني، وعملت المصفاة بأكثر من خمسين بالمئة من طاقتها التصميمية. إلا أن قدرتها الإنتاجية انخفضت تدريجيًا طوال تسعينيات القرن الماضي.

2- مصفاة "بورت هاركورت" الجديدة، والتي تمثل الوحدة الثانية لمصفاة "بورت هاركورت". وقد افتتحت في عام ألف وتسعمائة وخمسة وثمانين بتكلفة تقدر بنحو ثمانمائة وخمسين مليون دولار. وتمتلك المصفاة قدرة تكرير تبلغ مائة وخمسين ألف برميل من النفط يوميًا، ولكنها خرجت مع سابقتها (مصفاة بورت هاركورت القديمة) عن العمل بعد فترات من الانخفاض التدريجي في الأداء.

وفي شهر أبريل من عام ألفين وواحد وعشرين، تعاقدت الحكومة النيجيرية مع شركة "تكنيمونت إس بي إيه" الإيطالية لإصلاح الوحدتين: (بورت هاركورت القديمة والجديدة) على مراحل. وأعلن وزير الموارد البترولية النيجيري في شهر ديسمبر من عام ألفين وثلاثة وعشرين عن الانتهاء من الأعمال الميكانيكية للمصفاتين، كما تتوقع الحكومة أن يبدأ العمل بكامل قدرتهما بحلول نهاية عام ألفين وأربعة وعشرين.

3- ""مصفاة واري" الواقعة في ولاية دلتا، جنوب نيجيريا، والتي تملكها شركة النفط الوطنية النيجيرية الحكومية. وقد بدأت المصفاة عملها في عام ألف وتسعمائة وثمانية وسبعين، حيث كلّف بناؤها حوالي أربعمائة وثمانية وسبعين مليون دولار، كما تبلغ قدراتها التشغيلية مائة وخمسة وعشرين ألف برميل يوميًا. وقد توقفت عن العمل نهائيًا في السنوات القليلة الماضية. وفي عام ألفين وواحد وعشرين، منحت الحكومة النيجيرية عقد إصلاح المصفاة لشركة "سايبم" الإيطالية بتكلفة تقدر بنحو ثمانمائة وسبعة وتسعين مليون دولار.

4- ""مصفاة كادونا" الواقعة في شمال غرب نيجيريا والمملوكة للدولة، والتي افتتحت في عام ألف وتسعمائة وثمانين بتكلفة تقدر بنحو خمسمائة وخمسة وعشرين مليون دولار. وتبلغ قدرتها التشغيلية مائة وعشرة آلاف برميل يوميًا. وقد أغلقت المصفاة في عام ألفين وثمانية عشر لنقص النفط الخام، وذلك نتيجة لتخريب خط الأنابيب الذي ينقل الخام إليها من دلتا النيجر. وفي عام ألفين وواحد وعشرين، وافقت الحكومة النيجيرية على عقد الصيانة الدورية للمصفاة بتكلفة تقدر بنحو خمسمائة وستة وثمانين مليون دولار، ويُتوقع أن تبدأ العمل بحلول نهاية عام ألفين وأربعة وعشرين.

ويعني توقف جميع مصافي التكرير المملوكة للدولة عن العمل، أن نيجيريا تعتمد بشكل كبير على المنتجات البترولية المكررة، والتي تستوردها بشكل رئيسي شركة البترول الوطنية النيجيرية من هولندا والنرويج والمملكة المتحدة وبلجيكا والهند وغيرها.

ضعف أثر المصافي المملوكة للقطاع الخاص

توجد في نيجيريا أيضًا مصافٍ مملوكة للقطاع الخاص، ولكنها ذات قدرات ضئيلة أو غير نشطة أو خاضعة لعمليات الترقية والتطوير، باستثناء "مصفاة دانغوتي" التي تم الانتهاء منها مؤخرًا.

ومن بين المصافي المملوكة للقطاع الخاص: "مصفاة إيدو والبتروكيماويات" التي تبلغ قدراتها الإنتاجية اثني عشر ألف برميل يوميًا، ويُتوقع أن تبدأ العمليات الكاملة في عام ألفين وأربعة وعشرين؛ و"مصفاة دوبورت ميدستريم" الواقعة في ولاية إيدو بجنوب نيجيريا، والتي بدأ الإنتاج فيها في عام ألفين وثلاثة وعشرين مع قدرة تبلغ تكرير ألفين وخمسمائة برميل يوميا؛ و"مصفاة والتر سميث" الواقعة في ولاية إيمو بجنوب شرق نيجيريا، والتي بدأت عملياتها في عام ألفين وعشرين بقدرة تكرير خمسة آلاف برميل يوميًا، مع خطة لتوسيع طاقتها إلى خمسين ألف برميل يوميًا في السنوات المقبلة.

أما "مصفاة دانغوتي" الواقعة في ولاية لاغوس، جنوب غرب نيجيريا، فقد افتتحت في الثاني والعشرين من شهر مايو لعام ألفين وثلاثة وعشرين من قبل الرئيس السابق "محمد بخاري" بتكلفة تقدر بحوالي عشرين مليار دولار، وتصل قدرتها الإنتاجية إلى ستمائة وخمسين ألف برميل يوميًا، ومعالجة ثلاثة مليارات متر مكعب من النفط سنويًا، مما يعني أنها قادرة على توفير جميع احتياجات نيجيريا الداخلية من الوقود، وتصدير الفائض إلى الدول الأفريقية الأخرى والبرازيل ومنطقة البحر الكاريبي.

وقد بدأت المصفاة إنتاج الديزل ووقود الطائرات في شهر مارس الماضي (ألفين وأربعة وعشرين)، وأعلنت أنها ستبدأ إنتاج وقود السيارات في شهر يوليو عام ألفين وأربعة وعشرين، كما يُتوقَّع أن تصل إلى قدرتها التشغيلية الكاملة بحلول عام ألفين وخمسة وعشرين.

ضعف استغلال الغاز النيجيري

كان للتركيز المفرط للحكومات النيجيرية على أنواع محددة من الطاقة، وخاصة البنزين، أثره السلبي في استغلال احتياطيات الغاز الطبيعي النيجيري. وفي عام ألفين وعشرين أعلنت حكومة الرئيس السابق "محمد بخاري" خطة رئيسية للغاز، والتي تشمل تحسين المنشآت الحالية، وإطلاق مشاريع جديدة لتسهيل وصول مفتوح وتنافسي إلى البنية التحتية للغاز في جميع أنحاء نيجيريا، ولتوفير فرص العمل وتحفيز الاقتصاد من الداخل المحلي مع نقل الغاز النيجيري إلى أوروبا.

ومن بين مشاريع الغاز جارية التنفيذ في نيجيريا:

  • مصنع "قطار 7 للغاز الطبيعي المسال في نيجيريا" الذي يهدف إلى توسعة مصنع نيجيريا الحالي للغاز الطبيعي المسال وزيادة إنتاجه بأكثر من الثلث إلى ثلاثين مليون طن سنويًا، ووصلت نسبة اكتماله سبعة وستين في المئة بحسب تقارير حديثة.
  • ""خط أنابيب أجأوكوتا-كادونا-كانو" وهو نظام خطوط أنابيب للغاز الطبيعي في نيجيريا والذي تقوده شركة النفط الوطنية النيجيرية ويبلغ طوله ستمائة وأربعة عشر كيلومترًا وأربعين بوصة. ويمتد من "أجأوكوتا" في ولاية كوغي (في منطقة الحزام الأوسط النيجيرية) مرورًا بأبوجا عاصمة نيجيريا وولاية كادونا (شمال غرب نيجيريا) إلى ولاية كانو (شمال غرب نيجيريا). ويعتبر هذا الخط مرحلة أولية من مشروع آخر أكبر باسم "خط أنابيب الغاز العابر لنيجيريا". وبدأ العمل عليه في شهر يوليو من عام ألفين وعشرين، ويُتوقع الانتهاء منه في الربع الأول من عام ألفين وخمسة وعشرين.
  • ""خط أنابيب الغاز العابر لنيجيريا"، وهو جزء أساسي لتحقيق الخطة الرئيسية للغاز في نيجيريا، وجزء من مشروع "خط أنابيب الغاز العابر للصحراء"، الذي يُتَوقَّع أن ينقل الغاز النيجيري عبر الجزائر أو المغرب إلى أوروبا، ويتوقع أن يبلغ طوله الإجمالي ألفًا وثلاثمائة كيلومتر.
  • ""مشروع المياه العميقة في شمال بونغا" الواقعة في جنوب غرب دلتا النيجر، والتي أعلنت عنها شركة شل في شهر ديسمبر من عام ألفين وثلاثة وعشرين، مع تكلفة مقدرة بخمسة مليارات دولار.
  • مشروع "آسا نوث- أوهاجي ساوث" (Assa North-Ohaji South)، الذي يُعدّ أحد أكبر مشاريع تطوير مكثفات الغاز الجارية في نيجيريا، وتشترك في تنفيذه شركة "سيبلات لتنمية البترول" وشركة النفط الوطنية النيجيرية، وشركة شل لتطوير البترول وغيرها من شركات النفط العالمية، وذلك لمعالجة الغاز الرطب الذي تبلغ قدرته ثلاثمائة قدم مكعبة قياسية يوميًا. وقد قُدِّرت تكلفة المشروع بستة مائة وخمسين مليون دولار، ويتوقع أن يبدأ الإنتاج التجاري في عام ألفين وأربعة وعشرين.

سياسات ضعيفة وقرارات متناقضة

لا تزال خمس شركات نفط دولية كبرى تعمل داخل نيجيريا، وهي: شل وشيفرون وتوتال إنرجيز وإكسون موبيل وإيني. وتتلخص طبيعة العقود المبرمة بين دولة نيجيريا وشركات النفط الدولية في أن نيجيريا تمنح هذه الشركات صلاحية البحث عن الغاز والنفط وإنتاجهما، وذلك بهدف خدمة المصالح المشتركة للحكومة النيجيرية وشركات النفط العالمية.

ومع ذلك، تواجه نيجيريا صعوبات جمة في تأمين الصفقات التي تزيد من الإيرادات في قطاع النفط والغاز، وذلك نتيجة للبيئة الاقتصادية غير المواتية، والاضطرابات الأمنية المتكررة في منطقة دلتا النيجر، والضغوط المتزايدة من قبل نشطاء البيئة حول دور شركات النفط في تدمير المجتمعات المحلية في المناطق النفطية.

وقد انتقد مستثمرون محليون بشدة التناقضات الصارخة في السياسات النيجيرية في قطاع الطاقة، كما حذّروا من بعض القرارات التي تتخذها شركة النفط الوطنية النيجيرية، والتي تجعل من الصعب تلبية الاحتياجات المحلية المتزايدة من الطاقة. وعلى سبيل المثال، صرّح "أليكو دانغوتي" في الأسابيع الأخيرة عن الصعوبات التي تواجهه في الحصول على الخام النيجيري اللازم لتشغيل مصفاته، مؤكدًا أن شركات النفط الدولية العاملة في نيجيريا ترفض بيع النفط الخام لمصفاته.

وقد نفت "هيئة تنظيم البترول النيجيرية" هذا التصريح، مؤكدة أن قانون صناعة البترول النيجيرية يلزم شركات النفط العالمية والمنتجين الآخرين ببيع النفط الخام لمصافي التكرير المحلية، وأن ما حدث هو أن تسعير النفط الخام يعتمد على أساس المشتري/الراغب في البيع.

وفي بيان صدر الأسبوع الماضي، زعمت مجموعة "دانغوتي" أن شركات النفط العالمية أصرت على بيع النفط الخام إلى مصفاتها من خلال وكلائها الأجانب، والذين يعرضون الشحنات بسعر يتراوح بين اثنين وأربعة دولارات للبرميل، وهو أعلى من السعر الرسمي الذي وضعته "هيئة تنظيم البترول النيجيرية".

ويضاف إلى ما سبق أن الصحف النيجيرية كشفت أنه يتم تصدير الجزء الأكبر من النفط الخام النيجيري الحالي إلى الخارج، وذلك بسبب العقود النفطية التي تم ترتيبها منذ أواخر حكومة الرئيس السابق "بخاري"، وأن شركة النفط الوطنية النيجيرية تعهدت في عام ألفين وثلاثة وعشرين بالخام النيجيري في صفقة النفط مقابل قرض مع "البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير" بقيمة ثلاثة مليارات وثلاثمائة مليون دولار.

انعكاسات الأزمة على النيجيريين

من بين التداعيات السلبية لأزمة الطاقة في نيجيريا، تتكرر مشاهد وقوف النيجيريين في طوابير طويلة أمام محطات الوقود، وذلك بسبب ندرته في كثير من الأحيان، حيث تعزو شركة النفط الوطنية أسبابها إلى التحديات اللوجيستية التي تواجهها في عمليات الاستيراد. إضافة إلى ذلك، يعاني السكان من صعوبة الحصول على الكهرباء، حيث قُدِّرت نسبة الوصول إلى الكهرباء في عام ألفين وواحد وعشرين بنسبة 59.50 بالمئة فقط من سكان نيجيريا البالغ عددهم أكثر من مائتين وعشرين مليون شخص.

وبينما تعاني المجتمعات والمدن التي تصلها طاقة الكهرباء من انقطاع حاد لإمداداتها لمدة أيام أو أسابيع، وتعزو شركات الكهرباء النيجيرية أسباب الانقطاع إلى ضعف البنية التحتية، ونقص إمدادات الغاز إلى محطات توليد الكهرباء.

وقد تصاعدت أسعار البنزين ثلاث مرات منذ رفع الدعم عن الوقود من قبل الرئيس "تينوبو" في شهر مايو من عام ألفين وثلاثة وعشرين، وذلك نتيجة لموقف الحكومة من أن حوالي أربعين بالمئة من إيرادات نيجيريا في عام ألفين واثنين وعشرين يتم إنفاقها على دعم الوقود، وأن الطبقة الثرية ومسؤولين فاسدين هم من يستفيدون أكثر من نظام دعم الوقود عبر ممارسات الفساد في دفع الإعانات.

وقد اقترن مع إنهاء دعم الوقود قرارُ الحكومة خفض قيمة نَيْرَا، عملة نيجيريا، مرتين لتنفيذ الإصلاحات التي طالب بها مستثمرون محليون ودوليون لتحفيز النمو. ولا تزال قيمة عملة نَيْرَا تنخفض أمام العملات الأجنبية، حيث السلع البترولية وغيرها من المنتجات التي تستوردها البلاد للاستهلاك المحلي، تساهم في الضغط على النقد الأجنبي.

ويُلمس أثر ارتفاع سعر الصرف على متغيرات الاقتصاد الكلي الأخرى، مثل تضخم أسعار الغذاء، خاصة أن العديد من النيجيريين يعتمدون على المنتجات الغذائية المستوردة، وذلك بسبب ضعف قطاع التصنيع، ولكون الجزء الشمالي من البلاد الذي ينتج معظم المنتجات الزراعية لا يتمكن من تلبية الطلب الغذائي المحلي، وذلك نتيجة لانعدام الأمن في المزارع واختطاف المزارعين وتُجّار المحاصيل الزراعية على الطرق المختلفة، إلى جانب ارتفاع أسعار البنزين والديزل المستخدم لنقل منتجاتهم الزراعية إلى أجزاء مختلفة من البلاد.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة